في حوالي السادس من سبتمبر/أيلول 2025، انقطعت 15 كابلاً بحرياً في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، مما أدى إلى زيادة زمن الاستجابة وانقطاعات واسعة النطاق في خدمة الإنترنت في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وكما أوضح هذا الحادث، فإن الاتصالات الحديثة تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية البحرية المعرضة للخطر. ويأتي هذا في ظل تصاعد الأعمال العدائية ضد الكابلات البحرية، حيث أعلنت كل من المملكة المتحدة واليابان مؤخراً عن اتخاذ تدابير لتأمين البنية التحتية الحيوية للكابلات.
في حين يبدو أن الضرر الأخير كان عرضيًا، إلا أنه يوضح بشكل أكبر أوجه القصور في النظام القانوني الدولي لإدارة وحماية هذه الأصول الحيوية.
السياق الجيوسياسي
يُعدّ البحر الأحمر منطقة ذات أهمية جيوسياسية بالغة، إذ يقع بين أفريقيا وآسيا، وتحيط به دولٌ تُعتبر من أبرز الفاعلين في قطاعات الطاقة. كما تتسم المنطقة بتوترات جيوسياسية، حيث تتنافس السعودية وإيران على النفوذ، بينما تمارس قوى خارجية كبرى كالولايات المتحدة والصين نفوذاً كبيراً على العلاقات في كلٍّ من أفريقيا والشرق الأوسط. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنّت جماعة الحوثيين، وهي جماعة عسكرية معارضة تنشط انطلاقاً من اليمن، هجمات على العديد من السفن في البحر الأحمر، مما أثار تكهناتٍ بأنهم هم من ألحقوا الضرر بالكابلات البحرية المعنية.
لماذا تُعتبر الكابلات هدفاً رئيسياً للجهات المعادية؟
تُعدّ الكابلات البحرية نقاط اهتمام رئيسية للجهات المعادية، سواءً كانت دولًا أو منظمات غير حكومية، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية: الأهمية الاستراتيجية، وسهولة التشويش، وإمكانية الإنكار المعقول. أولًا، تُعتبر هذه الكابلات بالغة الأهمية للدول، إذ تُشكّل الوسيلة الأساسية لنقل الاتصالات. وهذا يعني أن قطاعات واسعة من البنية التحتية تعتمد على الكابلات البحرية في عملها، مثل القطاع المالي، والرعاية الصحية، والإعلام.
ثانيًا، من السهل نسبيًا العبث بالكابلات. تُعلن مواقعها، وذلك أساسًا لمنع السفن غير المدركة من إتلافها عن طريق الخطأ. كما أنها غالبًا ما تكون غير محمية وتقع على عمق ضحل بما يكفي ليسهل الوصول إليها.
والأهم من ذلك، أنها هشة بشكلٍ مدهش، إذ تتكون عادةً من حزمة من الألياف الزجاجية تحيط بنواة معدنية توفر الدعم الهيكلي، لكنها تفتقر إلى تعزيزات مادية إضافية. وهذا يرتبط بالسبب الثالث، وهو أنه من السهل على أي شخص إتلاف كابل بحري ثم الادعاء بأن الضرر كان مجرد حادث.
المسؤولية: ما هي سبل الانتصاف القانونية المتاحة؟
لا يوفر النظام القانوني الحالي سوى حماية ضئيلة للدول المتضررة. تاريخياً، كانت اتفاقية حماية كابلات التلغراف البحرية لعام 1884 الأداة الرئيسية لحماية الكابلات، والتي انضمت إليها عدد محدود من الدول البحرية. وفي الآونة الأخيرة، توفر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 حماية إضافية، ولكنها لا تزال غير كافية.
باختصار، تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على إلزام الدول بسنّ تشريعات جنائية تحظر إتلاف الكابلات البحرية عمداً (أو نتيجة إهمال جسيم) (المادة 113). كما تنص على دفع تعويضات في حال تسبب مالك كابل في إتلاف كابل تابع لآخر (المادة 114). ويطرح هذا النظام عدداً من الصعوبات:
يُعدّ الإطار القانوني الهزيل الذي يحمي الكابلات البحرية إرثًا من الأهمية الهامشية التي أولتها الدول لهذه الكابلات في الحقبة التي سُنّت فيها هذه الحماية القانونية. وتستدعي الأهمية الحيوية لهذه الكابلات في الاتصالات الحديثة، فضلًا عن تزايد النزاعات غير الرسمية بين الدول، إدخال تحسينات على نظام القانون الدولي. وتشمل هذه التحسينات ما يلي:
نبذة عن المؤلف
ديفيد هانت. حقوق الصورة: ديفيد هانت
ديفيد هانت، الشريك في شركة بويز شيلر فليكسنر، متخصص في التحكيم الدولي، ويمثل العملاء في النزاعات المعقدة متعددة الاختصاصات، وقضايا المستثمرين والدول، ودعاوى الاحتيال، وإجراءات الإنفاذ العالمية عالية المخاطر.